فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

قال المفسرون: إن عمرو بن لحي الخزاعي كان قد ملك مكة وكان أول من غير دين إسماعيل، فاتخذ الأصنام، ونصب الأوثان، وشرع البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار بريح قصبه» والقصب المعا وجمعه الأقصاب، ويروي يجر قصبه في النار.
قال ابن عباس: قوله: {ولكن الذين كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ على الله الكذب} يريد عمرو بن لحي وأصحابه يقولون على الله هذه الأكاذيب والأباطيل في تحريمهم هذه الأنعام، والمعنى أن الرؤساء يفترون على الله على الكذب، فأما الأتباع والعوام فأكثرهم لا يعقلون، فلا جرم يفترون على الله هذه الأكاذيب من أولئك الرؤساء. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقوله تعالى: {ولكن الذين كفروا} الآية، وقد تقدم أن المفترين هم المبتدعون، وأن الذين {لا يعقلون} هم الأتباع، وكذلك نص الشعبي وغيره وهو الذي تعطيه الآية، وقال محمد بن أبي موسى: الذين كفروا وافتروا هم أهل الكتاب، والذين {لا يعقلون} هم أهل الأوثان.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تفسير من انتزع ألفاظ آخر الآية عما تقدمها وارتبط بها من المعنى وعما تأخر أيضًا من قوله: {وإذا قيل لهم} والأول من التأويلين أرجح. اهـ.

.قال الألوسي:

{ولكن الذين كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ على الله الكذب} حيث يفعلون ما يفعلون ويقولون: الله سبحانه وتعالى أمرنا بهذا وإمامهم عمرو بن لحي فإنه في المشهور أول من فعل تلك الأفاعيل الشنيعة.
واستدل بالآية على تحريم هذه الأمور وهو ظاهر واستنبط منه تحريم جميع تعطيل المنافع.
واستدل ابن الماجشون بها على منع أن يقول الرجل لعبده: أنت سائبة وقال: لا يعتق بذلك.
وجعل بعض العلماء من صور السائبة إرسال الطير ونحوه، وصرح بعض علمائنا بأنه لا ثواب في ذلك ولعل الجاعل لا يكتفي بهذا القدر ويدعي الإثم فيه والناس عن ذلك غافلون.
{وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} أن ذلك افتراء باطل فما تقدم فعل الرؤساء وهذا شأن الأتباع وهم المراد بالأكثر كما روي عن قتادة والشعبي، وظاهر سياق النظم الكريم أنهم المقلدون لأسلافهم المفترين من معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا بيان لقصور عقولهم وعجزهم عن الاهتداء بأنفسهم. اهـ. باختصار يسير.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب} الاستدراك لرفع ما يتوهّمه المشركون من اعتقاد أنّها من شرع الله لتقادم العمل بها منذ قرون.
والمراد بالذين كفروا هنا جميع المشركين فإنّهم يكذّبون في نسبة هذه الأشياء إلى شعائر الله لأنّهم جميعًا يخبرون بما هو مخالف لما في الواقع.
والكذب هو الخبر المخالف للواقع.
والكفّار فريقان خاصّة وعامّة: فأمّا الخاصّة فهم الذين ابتدعوا هذه الضلالات لمقاصد مختلفة ونسبوها إلى الله، وأشهر هؤلاء وأكذبهم هو عَمْرُو بنُ عامر بن لُحَيّ بضم اللام وفتح الحاء المهملة وياء مشدّدة الخزاعي، ففي الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بنَ عامر بن لُحَي الخزاعي يجُرّ قُصْبَه بضم القاف وسكون الصاد المهملة أي إمعاءه في النار، وكان أولَ من سيّب السوائب.
ومنهم جنادة بن عوف.
وعن مالك أنّ منهم رجلًا من بني مُدْلِج هو أول من بحَّر البَحيرة وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيته مع عَمرو في النار.
رواه ابن العربي.
وفي رواية أنّ عَمرو بن لحي أول من بحّر البحيرة وسيّب السائبة.
وأصحّ الروايات وأشهرها عن رسول الله: أنّ عمرو بن لحي أول من سيّب السوائب ولم يذكر البحيرة.
وأمّا العامّة فهم الذين اتّبعوا هؤلاء المضلّين عن غير بصيرة، وهم الذين أريدوا بقول: {وأكثرهم لا يعقلون}.
فلمّا وصف الأكثر بعدم الفهم تعيّن أنّ الأقلّ هم الذين دبّروا هذه الضلالات وزيّنوها للناس.
والافتراء: الكذب.
وتقدّم عند قوله تعالى: {فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك} في سورة آل عمران (94).
وفي تسمية ما فعله الكفّار من هذه الأشياء افتراء وكذبًا ونفي أن يكون الله أمر به ما يدلّ على أنّ تلك الأحداث لا تمتّ إلى مرضاة الله تعالى بسبب من جهتين: إحداهما: أنّها تنتسب إلى الآلهة والأصنام، وذلك إشراك وكفر عظيم.
الثانية: أنّ ما يجعل منها لله تعالى مثل السائبة هو عمل ضرّه أكثر من نفعه، لأنّ في تسييب الحيوان إضرار به إذ ربما لا يجد مرعى ولا مأوى، وربما عدت عليه السباع، وفيه تعطيل منفعته حتى يموت حتف أنفه.
وما يحصل من درّ بعضها للضيف وابن السبيل إنّما هو منفعة ضئيلة في جانب المفاسد الحافّة به. اهـ.

.قال الحافظ ابن حجر:

قَوْله: (بَاب {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ}):
أَيْ مَا حَرَّمَ، وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَة الْجَعْل لِأَنَّ الْكُلّ خَلْقه وَتَقْدِيره، وَلَكِنَّ الْمُرَاد بَيَان اِبْتِدَاعهمْ مَا صَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْله: (وَإِذْ قَالَ اللَّه، يَقُول قَالَ اللَّه، وَإِذْ هَاهُنَا صِلَة):
كَذَا ثَبَتَ هَذَا وَمَا بَعْده هُنَا، وَلَيْسَ بِخَاصٍّ بِهِ وَهُوَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ تَرْتِيب بَعْض الرُّوَاة، وَهَذَا الْكَلَام ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ} قَالَ مَجَازه يَقُول اللَّه، وَإِذْ مِنْ حُرُوف الزَّوَائِد، وَكَذَلِكَ قَوْله وَإِذْ عَلَّمْتُك أَيْ وَعَلَّمْتُك.
قَوْله: (الْمَائِدَة أَصْلهَا مَفْعُولَة كَعِيشَةٍ رَاضِيَة وَتَطْلِيقَة بَائِنَة، وَالْمَعْنَى مِيدَ بِهَا صَاحِبهَا مِنْ خَيْر يُقَال مَادَنِي يُمِيدنِي):
قَالَ اِبْن التِّين: هُوَ قَوْل أَبِي عُبَيْدَة، وَقَالَ غَيْره: هِيَ مِنْ مَادَ يَمْتَدّ إِذَا تَحَرَّكَ، وَقِيلَ مِنْ مَادَ يَمْتَدّ إِذَا أَطْعَمَ. قَالَ اِبْن التِّين: وَقَوْله تَطْلِيقَة بَائِنَة غَيْر وَاضِح إِلَّا أَنْ يُرِيد أَنَّ الزَّوْج أَبَانَ الْمَرْأَة بِهَا، وَإِلَّا فَالظَّاهِر أَنَّهَا فَرَّقْت بَيْن الزَّوْجَيْنِ فَهِيَ فَاعِل عَلَى بَابهَا.
قَوْله: (وَقَالَ اِبْن عَبَّاس: مُتَوَفِّيك مُمِيتك):
هَكَذَا ثَبَتَ هَذَا هُنَا، وَهَذِهِ اللَّفْظَة إِنَّمَا هِيَ فِي سُورَة آلَ عِمْرَان، فَكَأَنَّ بَعْض الرُّوَاة ظَنَّهَا مِنْ سُورَة الْمَائِدَة فَكَتَبَهَا فِيهَا، أَوْ ذَكَرهَا الْمُصَنِّف هُنَا لِمُنَاسَبَةِ قَوْله فِي هَذِهِ السُّورَة {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ} ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّف حَدِيث اِبْن شِهَاب عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي تَفْسِير الْبَحِيرَة وَالسَّائِبَة، وَالِاخْتِلَاف فِي وَقْفه وَرَفْعه.
4257- قَوْله: (الْبَحِيرَة الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ):
وَهِيَ الْأَصْنَام، فَلَا يَحْلُبهَا أَحَد مِنْ النَّاس، وَالْبَحِيرَة فَعَيْلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة، وَهِيَ الَّتِي بُحِرَتْ أُذُنهَا أَيْ حُرِّمَتْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: جَعَلَهَا قَوْم مِنْ الشَّاة خَاصَّة إِذَا وَلَدَتْ خَمْسَة أَبْطُن بَحَرُوا أُذُنهَا أَيْ شَقُّوهَا وَتُرِكَتْ فَلَا يَمَسّهَا أَحَد. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ الْبَحِيرَة النَّاقَة كَذَلِكَ، وَخَلَّوْا عَنْهَا فَلَمْ تُرْكَب وَلَمْ يَضْرِبهَا فَحْل، وَأَمَّا قوله: «فَلَا يَحْلُبهَا أَحَد مِنْ النَّاس» فَهَكَذَا أُطْلِقَ نَفْي الْحَلْب، وَكَلَام أَبِي عُبَيْدَة يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمَنْفِيّ إِنَّمَا هُوَ الشُّرْب الْخَاصّ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كَانُوا يُحَرِّمُونَ وَبَرهَا وَلَحْمهَا وَظَهْرهَا وَلَبَنهَا عَلَى النِّسَاء وَيُحِلُّونَ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ، وَمَا وَلَدَتْ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ اِشْتَرَكَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أَكْل لَحْمهَا. وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْبَحِيرَة مِنْ الْإِبِل كَانَتْ النَّاقَة إِذَا نَتَجَتْ خَمْس بُطُون فَإِنْ كَانَ الْخَامِس ذَكَرًا كَانَ لِلرِّجَالِ دُون النِّسَاء، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى بُتِكَتْ أُذُنهَا ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَلَمْ يَجُزُّوا لَهَا وَبَرًا وَلَمْ يَشْرَبُوا لَهَا لَبَنًا وَلَمْ يَرْكَبُوا لَهَا ظَهْرًا، وَإِنْ تَكُنْ مَيْتَة فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء الرِّجَال وَالنِّسَاء. وَنَقَلَ أَهْل اللُّغَة فِي تَفْسِير الْبَحِيرَة هَيْئَات أُخْرَى تَزِيد بِمَا ذَكَرْت عَلَى الْعَشْر. وَهِيَ فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة، وَالْبَحْر شَقّ الْأُذُن، كَانَ ذَلِكَ عَلَامَة لَهَا.
قَوْله: (وَالسَّائِبَة كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَل عَلَيْهَا شَيْء):
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كَانَتْ السَّائِبَة مِنْ جَمِيع الْأَنْعَام، وَتَكُون مِنْ النُّذُور لِلْأَصْنَامِ فَتُسَيَّب فَلَا تُحْبَس عَنْ مَرْعًى وَلَا عَنْ مَاء وَلَا يَرْكَبهَا أَحَد، قَالَ: وَقِيلَ السَّائِبَة لَا تَكُون إِلَّا مِنْ الْإِبِل، كَانَ الرَّجُل يَنْذُر إِنْ بَرِئَ مِنْ مَرَضه أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَره لَيُسَيِّبَنَّ بَعِيرًا، وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: السَّائِبَة كَانُوا يُسَيِّبُونَ بَعْض إِبِلهمْ فَلَا تُمْنَع حَوْضًا أَنْ تَشْرَب فِيهِ.
قَوْله: (قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْت عَمْرو بْن عَامِر الْخُزَاعِيَّ إِلَخْ):
هَكَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَة إِيرَاد الْقَدْر الْمَرْفُوع مِنْ الْحَدِيث فِي أَثْنَاء الْمَوْقُوف، وَسَأُبَيِّنُ مَا فِيهِ بَعْدُ.
قَوْله: (وَالْوَصِيلَة النَّاقَة الْبِكْر تُبَكِّر فِي أَوَّل نِتَاج الْإِبِل بِأُنْثَى، ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى):
هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُتَّصِلًا بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوع، وَهُوَ يُوهِم أَنَّهُ مِنْ جُمْلَة الْمَرْفُوع، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ بَقِيَّة تَفْسِير سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَالْمَرْفُوع مِنْ الْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ ذِكْر عَمْرو بْن عَامِر فَقَطْ، وَتَفْسِير الْبَحِيرَة وَسَائِر الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد مِثْل رِوَايَة الْبَاب، إِلَّا أَنَّهُ بَعْد إِيرَاد الْمَرْفُوع قَالَ «وَقَالَ اِبْن الْمُسَيِّب: وَالْوَصِيلَة النَّاقَة إِلَخْ» فَأَوْضَحَ أَنَّ التَّفْسِير جَمِيعه مَوْقُوف، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن مَرْدَوْيهِ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد وَعُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد عَنْ اِبْن شِهَاب مُفَصَّلًا.
قَوْله: (أَنْ وَصَلَتْ):
أَيْ مِنْ أَجْل. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كَانَتْ السَّائِبَة مَهْمَا وَلَدَتْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أُمّهَا إِلَى سِتَّة أَوْلَاد، فَإِنْ وَلَدَتْ السَّابِع أُنْثَيَيْنِ تُرِكَتَا فَلَمْ تُذْبَحَا، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا ذُبِحَ وَأَكَلَهُ الرِّجَال دُون النِّسَاء، وَكَذَا إِذَا وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ، وَإِنْ أَتَتْ بِتَوْأَمٍ ذَكَر وَأُنْثَى سَمَّوْا الذَّكَر وَصِيلَة فَلَا يُذْبَح لِأَجْلِ أُخْته، وَهَذَا كُلّه إِنْ لَمْ تَلِد مَيِّتًا، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْد الْبَطْن السَّابِع مَيِّتًا أَكَلَهُ النِّسَاء دُون الرِّجَال. وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْوَصِيلَة الشَّاة كَانَتْ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَة فَإِنْ كَانَ السَّابِع ذَكَرًا ذُبِحَ وَأُكِلَ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى تُرِكَتْ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَأُنْثَى قَالُوا: وَصَلَتْ أَخَاهَا فَتُرِكَ وَلَمْ يُذْبَح.
قَوْله: (وَالْحَام فَحْل الْإِبِل يَضْرِبُ الضِّرَاب الْمَعْدُود إِلَخْ):
وَكَلَام أَبِي عُبَيْدَة يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْحَام إِنَّمَا يَكُون مِنْ وَلَد السَّائِبَة. وَقَالَ أَيْضًا: كَانُوا إِذَا ضَرَبَ فَحْلٌ مِنْ وَلَد الْبَحِيرَة فَهُوَ عِنْدهمْ حَامٍ، وَقَالَ أَيْضًا: الْحَام مِنْ فُحُول الْإِبِل خَاصَّة إِذَا نَتَجُوا مِنْهُ عَشَرَة أَبْطُن قَالُوا: قَدْ حَمَى ظَهْره، فَاحْمُوا ظَهْره وَوَبَره وَكُلّ شَيْء مِنْهُ فَلَمْ يُرْكَب وَلَمْ يُطْرَق، وَعُرِفَ بِهَذَا بَيَان الْعَدَد الْمُبْهَم فِي رِوَايَة سَعِيد. وَقِيلَ الْحَام فَحْل الْإِبِل إِذَا رُكِبَ وَلَد وَلَده، قَالَ الشَّاعِر:
حَمَاهَا أَبُو قَابُوس فِي غَيْر مِلْكه ** كَمَا قَدْ حَمَى أَوْلَاد أَوْلَاده الْفَحْلَا

وَقَالَ الْفَرَّاء: اُخْتُلِفَ فِي السَّائِبَة فَقِيلَ كَانَ الرَّجُل يُسَيِّب مِنْ مَاله مَا شَاءَ يَذْهَب بِهِ إِلَى السَّدَنَة وَهُمْ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَى الْأَصْنَام. وَقِيلَ: السَّائِبَة النَّاقَة إِذَا وَلَدَتْ عَشَرَة أَبْطُن كُلّهنَّ إِنَاث سُيِّبَتْ فَلَمْ تُرْكَب وَلَمْ يُجَزّ لَهَا وَبَر وَلَمْ يُشْرَب لَهَا لَبَن، وَإِذَا وَلَدَتْ بِنْتهَا بُحِرَتْ أَيْ شُقَّتْ أُذُنهَا، فَالْبَحِيرَة اِبْنَة السَّائِبَة وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ أُمّهَا، وَالْوَصِيلَة مِنْ الشَّاة إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَة أَبْطُن إِذَا وَلَدَتْ فِي آخِرهَا ذَكَرًا وَأُنْثَى قِيلَ وَصَلَتْ أَخَاهُ فَلَا تَشْرَب النِّسَاء لَبَن الْأُمّ وَتَشْرَبهُ الرِّجَال وَجَرَتْ مَجْرَى السَّائِبَة إِلَّا فِي هَذَا، وَأَمَّا الْحَام فَهُوَ فَحْل الْإِبِل كَانَ إِذَا لَقَّحَ وَلَدُ وَلَدِهِ قِيلَ حَمَى ظَهْره فَلَا يُرْكَب وَلَا يُجَزّ لَهُ وَبَر وَلَا يُمْنَع مِنْ مَرْعًى.